responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المعجزات والغيبيات بين بصائر التنزيل ودياجير الانكار والتاويل المؤلف : عبد الفتاح إبراهيم سلامة    الجزء : 1  صفحة : 187
الله واستمسك به، كان ذلك معبرا له إلى النجاة، لا (أن يضل ضلالا بعيدا) كما يذكر البيضاوي، أو تصبح (الآفة أخفى) كما قال القشيري، مع أنوار قوله تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَليْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} ([2]: الأنفال) ، وقفة متجردة لما قال ما قال، ومع هذا فقد أجاد القشيري حين قارن بين من كانت المائدة سكونا لهم، وبين من بدأهم الله بالسكينة.

9- اختلافات المفسرين حول قوله تعالى: {هَل يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} .
كان المبادر إلى ذهن القارئ أن تكون هذه هي نقطة البدء، لكننا بدأنا بالحديث عن المائدة؛ إذ هي محور الموضوع، وعنايتنا في هذه المباحث هي بذكر التأويلات، ثم نكرُّ عليها بما يجلِّي الحقيقة.
فأما قوله تعالى: {إِذْ قَال الحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَل يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّل عَليْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} (112: المائدة) فالأقوال في معنى هذه الآية كثيرة.
فبينما نرى مفسرا كالزمخشري يرى أن هذا القول منهم دليل على أن إيمانهم كان دعوى لا حقيقة؛ وذلك إذ يقول متبعا طريقته في الفنقلة[1]: فإن قلت: كيف قالوا {هَل يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} بعد إيمانهم وإخلاصهم، قلت: ما وصفهم الله بالإيمان والإخلاص، وإنما حكى ادعاءهم لهما، ثم أتبعه قوله: {إِذْ قَال الحَوَارِيُّونَ} ؛ فآذن أن دعواهم كانت باطلة، وأنهم كانوا شاكين، وقولهم: {هَل يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} كلام لا يرد مثله عن مؤمنين معظمين لربهم..
نقول بينما يقول الزمخشري بهذا نجد مفسرا آخر، بينه وبين الزمخشرري اختلافات في العصر والمنهج والمذهب، يقول بمثله، وهذا المفسر هو ابن جرير الطبري؛ فقد أفاض في مناقشة المسألة وانتهى إلى رأي[2] هو: "وخبر الله - تعالى ذكره - عن القوم ينبئ بخلاف ذلك، - أي بخلاف أنهم كانوا في درجة اليقين -، وذلك أنهم قالوا لعيسى إذ قال لهم: {اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} .. {قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُل مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} ؛ فقد أنبأ هذا من قبلهم أنهم لم يكونوا يعلمون أن عيسى قد صدقهم، ولا اطمأنت قلوبهم إلى حقيقة نبوته؛ فلا بيان أبين من هذا الكلام، في أن القوم كانوا قد خالط قلوبهم حرض وشك في دينهم وتصديق رسولهم، وأنهم سألوا ما سألوا من ذلك اختبارا" ا?.

[1] انظر الكشاف للزمخشري ج 1 ص 490- 491.
[2] انظر تفسير الطبري ج 11 ص 221 ط المعارف.
اسم الکتاب : المعجزات والغيبيات بين بصائر التنزيل ودياجير الانكار والتاويل المؤلف : عبد الفتاح إبراهيم سلامة    الجزء : 1  صفحة : 187
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست